التقرير السياسي
ان قوى المقاومة وحلفائها وجمهورها في لبنان والمنطقة على يقين ان الرد على هذا العدوان سيكون بحجم الجريمة واكبر، وسيعلم كيان العدو ومجتمعه الاستيطاني اي حماقة ارتكبتها قيادته، وحجم المخاطر التي تنتظره، خاصة بعد ان اصبح ميدان المواجهة يمتد من شواطئ لبنان الجنوبية حتى مرتفعات الجولان السوري المحتل في جبهة واحدة، اضافة الى ميادين فلسطين المحتلة

التقرير السياسي

الوضع الدولي

بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية بداية تسعينيات القرن الماضي، راجت حملة مبرمجة من التنظير شارك فيها مفكرو وايديولوجيو البرجوازية وبعض المتساقطين من اليسار حول نهاية الحلم الاشتراكي بزوال الرأسمالية كنظام اقتصادي ـ اجتماعي ـ سياسي متكامل، وركزت هذه الحملة على محاولة حرف الوعي عن الصراع الطبقي بتجلياته الاجتماعية والوطنية، لتسليطه على الصراع بين الحضارات والثقافات، والذي تجلى لاحقا من خلال المشروع الامبريالي العالمي الساعي لتفجير الصراعات الطائفية والمذهبية والعرقية في اكثر من منطقة في العالم.

ولم تمهل حركة التاريخ هذه الافكار الكثير من الوقت، حتى اعيد الاعتبار الى الصراع الطبقي على مختلف مستوياته ومضامينه الوطنية والسياسية والاجتماعية، واستعادت حركة الشعوب وقواها الثورية وحركات التحرر الوطني والانظمة الاشتراكية الصامدة المبادرة من جديد، عبر حركات الاحتجاج على السياسات الاقتصادية الليبرالية المتوحشة، والحركات المناهضة للعولمة، الى التصدي للهجمة الامبريالية ولسياسات المؤسسات المالية العالمية كصندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية، الى الحركات المناضلة ضد الفقر والمديونية وتدمير البيئة، وصولا الى عودة وتصاعد حركات المقاومة المسلحة للعب دورها في مواجهة الاحتلال والاستغلال والنهب الامبريالي.

واذ دفعت احداث الحادي عشر من ايلول 2001 الى ذروة تصعيد الامبريالية العالمية وخاصة الاميركية حيث امنت الذرائع المطلوبة لشن حرب عالمية جديدة ضد الشعوب والدول الرافضة للهيمنة الاميركية تحت ستار محاربة الارهاب، الا ان هذه المحطة شكلت ايضا الذروة في مأزق الامبريالية العالمية واستراتيجيتها العدوانية، وكشفت حجم الرفض الشعبي العالمي لسياساتها ومشاريعها الاقتصادية والسياسية والامنية، ودفع الطبقة العاملة والعديد من القوى السياسية والشعبية في العالم الى مواجهة العدوان الاميركي بالكفاح المسلح والنضال الشعبي على نطاق واسع.

وفي هذا السياق الصراعي المحتدم على الصعيد العالمي، تحررت العديد من الدول من قبضة الهيمنة الاميركية، وخاصة في اميركا اللاتينية وفي مقدمتها فنزويلا وبوليفيا، حيث انجزت تحولات ديمقراطية واجتماعية هامة هي ثمرة نضال شعوبها التاريخي للخلاص من السيطرة والقهر الامبريالي ومن الديكتاتوريات الفاشية التي حكمت هذه الدول بالحديد والنار والموت بدعم اميركي علني وفاضح، وحيث كان وما زال للنموذج الاشتراكي الثوري لكوبا تأثير كبير في حصول هذه التحولات.

مع هذه التطورات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وبحكم بنية النظام الرأسمالي العالمي والقوانين الناظمة لحركته، وبسبب تخمة الاسواق العالمية بالسلع المنتجة والفائضة عن طاقة الاستهلاك، ومع نمو الاقتصادات الناشئة وتوسعها وحجز مساحة لها من السوق العالمي ( الصين – الهند – البرازيل ) جرى تراكم هائل في الرأسمال المالي بحكم الارباح المحققة، فنزعت المصارف والشركات الكبرى العالمية الى التوظيف في اسواق الاسهم والبورصات وفي المضاربات المالية والعقارية في محاولة يائسة لتأجيل الازمة، ومع انفجار الفقاعة المالية والعقارية في المراكز الرأسمالية والتي طالت شظاياها اقتصاديات دول الاطراف وشعوبها، فدخل النظام الرأسمالي ككل ازمة ركود وانكماش اقتصادي، ظهرت جليا في افلاس المصارف والشركات الكبرى وفي حجم البطالة وتشريد الملايين من البشر من اصحاب القروض السكنية.

ويسعى النظام الرأسمالي العالمي جاهدا للخروج من ازمته الحادة بالتدخل المباشر عبر تعويم المؤسسات والشركات الكبرى بالدعم المالي الحكومي لانقاذ ما يمكن انقاذه والحد من خسائر هذه المؤسسات المالية، في مقابل تحميل العمال والفقراء والفئات المتوسطة في الدول المتطورة والنامية على السواء تبعات الازمة مباشرة بخسارتها فرص العمل والتأمينات الاجتماعية والصحية حيث تدنت المستويات المعيشية لما دون الحد الادنى لاكثر من ملياري انسان من جهة، وتبعات الهجوم الامبريالي المتجدد لتشديد عمليات النهب والسيطرة على الموارد الطبيعية العالمية وتحديدا النفط وخاصة في الدول النامية من جهة ثانية.

لقد كشفت الازمة الاقتصادية العالمية هشاشة النظام الرأسمالي العالمي في مواجهة الازمات الدورية، ونزعته الفاشية في محاولته الخروج منها على حساب البشرية والموارد الطبيعية والبيئة، وفشل توجهاته النيوليبرالية ومؤسساته المالية الدولية ومعها منظمة التجارة العالمية، بحيث لجأ في العديد من المواقع الى تدخل الدولة لاحتواء تداعيات انهيار وافلاس المصارف والشركات الكبرى من اموال المكلفين وعلى حساب مصالح العمال والفقراء والطبقات المتوسطة، بعد ان نظر طويلا لانتهاء دور الدولة في النشاط الاقتصادي، مما اعطى دفعا قويا لاعادة الاعتبار الى مفاهيم الفكر الاشتراكي العلمي واسقاط فلسفة تحرير الاقتصاد وسياسات الخصخصة، كما انكشف ضعف الامبريالية العدوانية في مواجهة الشعوب المناضلة وحركات التحرر الوطني وقوى المقاومة التي تستطيع، متى امتلكت القرار والارادة والرؤية العلمية والقيادة الثورية، افشال استراتيجية الامبريالية ومشاريعها في اي مكان في العالم. وان كانت كلفة مواجهة الامبريالية والتضحيات الشعبية عالية، الا انها تبقى اقل كلفة من تمكين المشروع الاستعماري من التحقق والنجاح، لانه سيمتد لعقود طويلة من الاحتلال والقهر الوطني والطبقي.

ولا يجب التقليل من المخاطر المترتبة عن ازمة النظام الرأسمالي، فالنزعة العدوانية والفاشية الى تصاعد، ومحاولات الاستيلاء على الثروات الطبيعية تتسارع، واثارة النزاعات بين الدول والشعوب هي المدخل الامبريالي للسيطرة والتحكم، ويبقى انقاذ النظام الرأسمالي هو الهدف الاساس بغض النظر عن تبعات ذلك على حياة البشرية وعلى السلم العالمي.

وستنعكس ازمة الرأسمالية العالمية واخفاقات المشروع الامبريالي في المنطقة والعالم  تحسنا في الموقع الدولي للاقطاب الناشئة كالصين وروسيا والبرازيل والهند، وان كانت الازمة العالمية تطال الاقتصاد العالمي برمته وتصيب معظم دول العالم بحكم تداخل الاقتصاد العالمي، الا ان التفاوت في الخسائر بين الدول يعود الى حجم الاقتصاد ومستوى عولمته ومجالات التوظيف والاستثمارات ونسبة  الاعتماد على الاقتصاد الريعي على حساب الاقتصاد المنتج، من هنا نرى السياسة ” الناعمة” للادارة الاميركية الجديدة التي اطلقت شعارات التغيير الداخلي والخارجي وتراجعت عنها بعيد تسلمها السلطة، والتي تسلمت رزمة من الملفات والقضايا المأزومة داخليا وعالميا في مراهنة على استعادة قوتها ودورها الفاعل، وتأكيد استمرار سياستها الامبريالية بالسيطرة والاستغلال وفي تأزيم الاستقرار والسلم العالمي، في مرحلة تداعياتها الاقتصادية والسياسية وضرب هيبتها العالمية وسقوط سيطرة القطب الواحد، ومن تجلياتها التخفيف المحدود للحصار على كوبا وان مازالت قضية الابطال الكوبيين الخمسة المعتقلين في السجون الاميركية دون حل رغم حملة التضامن الدولية للافراج عنهم،   وكذلك التراجع عن نشر الدرع الصاروخي الاميركي في اوروبا الشرقية.

الوضع العربي

بالرغم من ازمة الامبريالية العالمية الاقتصادية والسياسية والعسكرية، ومع الاخفاقات والعثرات التي تعرض لها المشروع الامبريالي في منطقتنا والعالم، تترسخ باستمرار تبعية والتحاق النظام الرسمي العربي بالسياسة الاميركية. ورغم النجاحات والانتصارات الهامة التي حققتها قوى المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق، ووأد مشروع الشرق الاوسط الجديد، وضرب المفاصل الرئيسية في المشروع الاميركي ـ الصهيوني، واهمها انتصار المقاومة في تموز 2006 في لبنان وانتصار كانون الثاني 2009 في غزة، وبالرغم من اعتراف العدو بالاخفاق والفشل في تحقيق اهدافه، تصر الانظمة الرجعية العربية على سياسة الالتحاق بالمشروع المعادي لمستقبل المنطقة العربية وشعوبها، وتكريس الانقسام والشرذمة وافراغ العروبة من مضامين التوحد الفعلي والمصالح المشتركة، كما تصر على انكار انتصار المقاومة، بل وادانتها على خيارها المقاوم لانه يشكل احراجا لدورها التاريخي المتواطئ مع العدو والعاجز عن استرجاع الارض المحتلة او حتى ادانة العدوان الاميركي ـ الصهيوني، وفوق ذلك تصر هذه الانظمة على التمسك بما يسمى مبادرة السلام العربية التي رفضها العدو قبل ان يجف حبرها، والتي هي في فلسفتها اعترافا رسميا بالكيان الصهيوني والتطبيع معه مقابل التعهد بالتنازل عن بعض شروطه واستعداده للتفاوض حول المطالب العربية، ان هذه المبادرة ليست اكثر من صك استسلام للعدو وان زينت بالتعابير الجوفاء التي لا تعني شيئا.

وخلال العدوان الاميركي – الصهيوني على لبنان وغزة، ةتبرع الحكام العرب بادانة نهج المقاومة وتحميله مسؤولية العدوان وما نتج عنه من خسائر بشرية ومادية، كما حرضوا عليه باعتباره نهجا مغامرا وخاسرا، حتى اذا تحقق الانتصارين بلعوا السنتهم وسارعوا لابداء استعدادهم للمساهمة في اعادة اعمار ما تهدم لامتصاص نقمة شعوبهم الغاضبة من المواقف الرسمية والمتضامنة مع المقاومة، بل والمستعدة للقتال معها لو اتيح لها ذلك. ورغم ادانة التحقيق الدولي في تقرير غولدستون الكيان الصهيوني بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية تسعى الولايات المتحدة ومعها المجتمع الدولي الى منع ادانته ومحاسبته وحتى السعي الى عدم عرض التقرير الدولي على الجمعية العامة للامم المتحدة.

وما زال الهم الشاغل للانظمة العربية هو الاحتفاظ بالسلطة، ولتأمين ذلك لا بد لها من تشديد قمع شعوبها وضرب الحريات العامة والديمقراطية وتمكين الطبقات الطفيلية الحاكمة من مراكمة الثروات وتأمين التوريث الهادئ للسلطة من جهة، والخضوع للارادة الاميركية لتأمين حماية العروش مقابل اباحة الاوطان امام النهب الامبريالي من جهة ثانية. ولتحقيق ذلك لا بد من القضاء على خيار وفكر المقاومة والممانعة والرفض الشعبي. وفي المقابل، ولديمومة سيطرتها عمدت الامبريالية الاميركية الى اشغال الدول العربية بصراعات تأخذ اشكالا مختلفة تبعا لطبيعة النظام وبنيته، وتبعا للقضايا الداخلية التي تشغله، وابعادها عن القضايا المصيرية للامة.

في القضية الفلسطينية

اختزلت القضية الفلسطينية في المشروع الاميركي الصهيوني الرجعي العربي والمحلي بقضايا الامن والاستيطان، انجرارا خلف الاستراتيجية الصهيونية القائمة على خلق الوقائع الجديدة كالتهويد والاستيطان والحواجز وجدار الفصل العنصري، فتتحول المفاوضات العقيمة والمناشدات والمبادرات الدولية لتتركز حول هذه العناوين وتطمس في المقابل القضية الجوهرية وهي الاحتلال نفسه وما نتج وينتج عنه من تهجير مستمر ومجازر وحشية وحروب ابادة وتطهير عرقي وتهويد القدس وتهجير اهلها وتغيير الاسماء العربية لضرب ذاكرة الاجيال القادمة، ويقود هذا المشروع ويؤمن غطاءه المجتمع الدولي بقيادة الامبريالية الاميركية وتواطؤ رسمي عربي لا يقل خطورة عن الاحتلال في التعامل مع الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية. ان طرح ادارة اوباما لما يسمى حل الدولتين انما لفرض مناخ من الاسترخاء والتهدئة يساعد دول الاعتدال العربي على الترويج للتفاوض مع العدو والتطبيع معه والاستسلام لارادته، وتأتي في السياق جولات جورج ميتشل المكوكية لاقناع الانظمة العربية للبدء بخطوات التطبيع لابداء “حسن النية” للعدو، كما ان اقتراح اوباما وجولات ميتشل  لن تؤديا حتى الى مسخ دولة او حكم ذاتي مكبل بالشروط الصهيونية ومجرد من الحد الادنى من مقومات الوطن المسلوب السيادة والحرية، كما ان حل الدولتين يشترط شطب حق العودة وتهجير القسم الاكبر من الفلسطينيين الى المنافي البعيدة وتوطين من تبقى في البلدان المضيفة. من جهة اخرى، اننا في الحزب ومن موقع المقاومة للمشروع الاستعماري لمنطقتنا، ومن موقع التضامن والمساندة لقوى المقاومة في فلسطين لا نرى بديلا عن ضرورة استمرار هذه القوى في تعزيز قوتها العسكرية وقدراتها الميدانية وجهوزيتها الدائمة، لان انجاز التحرير وبناء الدولة الحرة والمستقلة لن يتحقق بأوهام التفاوض والتنازل بل بالتصميم والارادة على متابعة المقاومة والكفاح المسلح وتعزيز الوحدة الوطنية، ومع الاعتزاز بالانجازات المحققة في القتال ضد الاحتلال وخاصة الانتصار على العدوان الفاشي ضد قطاع غزة، ومع التقدير للتضحيات الغالية التي قدمها الشعب الفلسطيني في الصمود واحتضان لخيار المقاومة ضد خيار التنازل والاستسلام، الا انه يجب التنبه الى بعض ظواهر التطرف والتضييق على الحريات العامة والفردية في القطاع، فالشعب الفلسطيني يختزن تراثا نضاليا وديمقراطيا في تاريخ نضاله الحافل، وينعم بالتعددية الفكرية والتنوع السياسي وهي من العوامل التي ساعدته على القتال والصمود على مدى عمر الثورة الفلسطينية، كما لا يجب ان يغيب عن البال ان اجبار الاحتلال على الانسحاب من القطاع والانتصار على العدوان انما هو ثمرة نضال كافة القوى والفصائل المقاومة والصمود الشعبي العظيم، بدعم من التحالف السوري ـ الايراني ومن كافة القوى الوطنية والتقدمية والثورية العربية والعالمية.

وفي مصر، ورغم الدور السافر للنظام في خدمة المشروع الاميركي – الصهيوني وتمسكه باتفاقات كمب ديفيد الخيانية واستمراره في تطبيق قانون الطوارئ منذ ثلاثين عاما، واشتراكه في العدوان على غزة، وتشكيل حرس حدود للعدو وارشاده الى شرايين الحياة للقطاع (الانفاق) واعتقال المقاومين، والتخريب على السودان، وتعطيل المصالحات العربية – العربية، والضغط على المقاومة الفلسطينية للتخلي عن خيارها تحت شعار المصالحة الفلسطينية، رغم هذا الدور الوظيفي الخادم للامبريالية، يجري تحريك النعرات الطائفية من وقت لآخر، ويتم تصنيف مصر من الدول القامعة للحريات الدينية لابقائها في فلك التبعية والارتهان الكامل.

وفي اليمن تجري محاولات لاعادة تقسيمه على اساس قبلي وجهوي بتحريك قوى انفصالية في الجنوب تحت مسمى ” الحراك الجنوبي “، وتحريض نظام صنعاء على الحسم العسكري مع التمرد في محافظة صعدة. ان ما يجري في اليمن ليس الا جزءا من المشروع الاميركي لتقسيم وتجزئة المنطقة العربية واغراقها في مستنقع الصراعات الداخلية والحدودية. فبينما تدعم دولة عربية كبرى مجاورة لليمن تمرد ” الحراك الجنوبي ” ترسل نفس الدولة طائراتها الحربية لمساندة الجيش اليمني في مواجهة تمرد صعدة، ما يدلل على الخطة المرسومة لاضعاف اليمن، في الوقت الذي لم يوفر نظام صنعاء جهدا في الانتقام من جنوب اليمن وتجربته الاشتراكية، فجرى الانقضاض على كل المنجزات التي تحققت في تلك المرحلة وقمعت الاحزاب مما خلق مناخا شعبيا حاضنا لبعض قوى الانفصال.

وتسود الاردن اجواء من العنصرية ضد الفلسطينيين يغذيها النظام هناك تحت شعار “الاردن اولا” وادعاء حمايته من مشروع الوطن البديل، هذا النظام الذي اصبح اسير التوجهات الامبريالية والصهيونية، فبدلا من شن الحملة ضد الكيان الصهيوني صاحب المشروع الاساسي لشطب حق العودة وتوطين الفلسطينيين خارج ارضهم، تتركز الحملة ضد الشعب الفلسطيني الرافض لاي خيار او بديل عن وطنه فلسطين، باستثناء السلطة الفلسطينية الرسمية التي تأمل بدولة تحكمها بعد فقدان الامل بدولة فلسطينية على ارض فلسطين. ان السياسة الرسمية الاردنية اذا ما تصاعدت ستؤدي الى خلق مناخ من التوتر وربما الحرب الاهلية تأخذ طابعا فلسطينيا – اردنيا ويكون وقودها الشعبين الشقيقين.

وفي العراق حيث اكتسبت المقاومة الوطنية شرعيتها التمثيلية لشرائح واسعة من الشعب العراقي، ويدلل على ذلك توسع منطقة عملياتها وتمددها من الوسط الى مناطق الجنوب وبعض مناطق الشمال، وسعي السلطة وحتى الاحتلال لفتح قنوات الحوار معها. ان هذه المقاومة التي اجبرت العدد الاكبر من الدول المشاركة في العدوان على العراق على الانسحاب الكامل من بلاد الرافدين، واجبرت الاحتلال الاميركي والغربي على الانسحاب الجزئي من المدن الرئيسية، والبحث عن مخرج لها من العراق كله، والتي ستحبط مشروع التقسيم والفيدرالية، بدأت تتظهر صورتها على شكل جبهات واطر وطنية تضم مختلف تشكيلات المقاومة وتنظيماتها على طريق بلورة اطار جامع يوحد قواها وجهودها وامكاناتها على الساحة العراقية كلها لتتحول بفعل دورها النضالي الى الممثل الوحيد والحقيقي للشعب العراقي، ان المقاومة هي الاسلوب الوحيد القادر على هزيمة العدو الاميركي والصهيوني وتحرير الارض المحتلة واقامة النظام الوطني الديمقراطي. وبحكم عجز السلطة العراقية صنيعة الاحتلال عن القيام بدورها في ضرب المقاومة وتأمين الاستقرار الداخلي وفي انقلاب مفاجئ على موقفها السابق وبناء على التوجيهات الاميركية وجهت سهام اتهاماتها لسوريا بالتفجيرات الاخيرة الدامية، بينما بات من المعلوم للجميع ان التفجيرات والجرائم المرتكبة بحق المدنيين هي من صنع الاحتلال الاميركي والغربي وادواته المحلية، كما انه وراء مشاريع الفتن والانقسام الداخلية لتأمين استمرار دوره وبقائه في العراق.

اضافة الى ذلك لا بد من التوقف عند الاوضاع السائدة في السودان والصومال نتيجة التدخل الاميركي في شؤونهما الداخلية، والاوضاع في دول المغرب العربي التي يتفشى فيها الفساد والقمع وانتهاك الحريات العامة والديمقراطية وتحول معظم الانظمة فيها الى انظمة شبه ديكتاتورية.

ومما تقدم يبدو جليا ان المخطط الاميركي – الصهيوني يعتمد سياسة مزدوجة، من جهة استخدام الامم المتحدة ومجلس الامن للتهديد والعدوان وفرض العقوبات والحصار والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، ومن جهة ثانية السعي لتقسيم وتجزئة الدول العربية تحت مسميات شتى: انفصال الجنوب واقليم دارفور عن السودان، فيدرالية في العراق، كونفيدرالية في الاردن، اعادة طرح الفيدرالية في لبنان، انفصال الجنوب عن اليمن الموحد، تشجيع الانفصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة. اضافة الى ذلك تدور حملة سياسية واعلامية مركزة اميركية وعربية تستهدف حرف الصراع في المنطقة عن حقيقته التاريخية لتظهيره صراعا عربيا ـ ايرانيا.

ويبرز الى جانب الوضع العربي المأساوي حراك اقليمي جدي طرفاه ايران وتركيا، والمفارقة ان هذا الحراك يتمحور حول الوضع العربي نفسه بمبادرات واقتراحات تتعلق بالوضع العربي، والقضية الفلسطينية، والصراع العربي – الصهيوني، والبحث عن اشكال من التعاون الاقتصادي، وعن دور فاعل في المجال النفطي، والبحث بمستقبل المياه، في ظل غياب شبه كامل لاصحاب الشأن في هذا المجال، الذين يهرولون لارضاء السيد الاميركي واسترضاء العدو الصهيوني للاعتراف به والتطبيع معه بينما يعلن العدو في كل مناسبة عدم استعداده للتراجع عن الشروط الصهيونية، فلا حق لعودة الفلسطينيين، ولا بحث في مستقبل القدس، ولا دولة فلسطينية ولو على جزء بسيط من الارض المحتلة، بل انه يشدد من عمليات التهويد ومحاولات التهجير والطرد للسكان من كل الاراضي المحتلة.

هذا المناخ الرسمي العربي يقابله على المستوى الشعبي حالة من الاستنهاض العام انتجتها قوى المقاومة وانتصاراتها الرائعة في لبنان وفلسطين والعراق، والحقت الهزائم المتكررة بالعدو المحتل، ما ادى الى ضرب الدور الوظيفي للكيان الصهيوني الغاصب وكقاعدة عسكرية متقدمة للامبريالية في منطقتنا العربية لحماية مصالحها الاستراتيجية، هذه القاعدة العدوانية وبفعل المقاومة ودورها باتت تحتاج الى الحماية والدعم لتأمين وجودها في المنطقة مما استدعى التدخل العسكري الاميركي المباشر، وصدور سلسلة القرارات الدولية بدءا من القرار 1559 وصولا الى القرار 1701 والتي هدفت جميعها الى حماية العدو وضرب المقاومة او الحد من فاعليتها ودورها على الاقل. لقد غيرت قوى المقاومة العربية المعادلات وموازين القوى على المستوى العربي والاقليمي وحتى الدولي، اذ شكلت قوة رادعة في مواجعة العدوان الاميركي – الصهيوني وامتدت تأثيراتها الى داخل المجتمع الصهيوني الذي ولاول مرة في تاريخ كيان العدو يطرح وبقوة سؤال الوجود والبقاء، هذا الكيان الذي يسير باتجاه الزوال على المدى التاريخي.

الوضع اللبناني

احتل لبنان موقع الاهتمام العربي والدولي بحكم وجوده على التماس مع فلسطين المحتلة، ولدوره التاريخي في مواجهة العدوان الصهيوني على ارضه وشعبه منذ قيام الكيان الصهيوني على ارض فلسطين من خلال دفاع الجنوبيين عن قراهم، والوجود المبكر للمقاومة الوطنية اللبنانية والفلسطينية في موقع الدفاع عن الوطن والشعب، هذه المقاومة التي مرت في الكثير من التجارب والاختبارات، ومن النجاحات والاخفاقات، وتطورت تبعا لتطور الصراع مع العدو واكتسبت الخبرات واستفادت من الدروس والعبر وخاصة بعد اجتياح العام 1982، حتى وصلت الى ما وصلت اليه من حركة مقاومة منظمة تمتلك استراتيجية عسكرية وقدرات بشرية وتسليحية وارادة صلبة وواضحة، فرضت على العدو الاندحار عن معظم الاراضي اللبنانية المحتلة واسقطت اتفاق 17 ايار الخياني حتى التحرير في العام2000 دون قيد او شرط، كما اوقعت به هزيمة ساحقة في عدوان تموز 2006، ما شكل ردعا حقيقيا للعدو ومنعه من المبادرة الى العدوان التي كان يتميز بها لعقود طويلة، وقد تجاوز تأثير المقاومة ودورها وانتصاراتها الحدود المحلية ا المدى العربي والاقليمي والدولي وبات نموذجا ثوريا للشعوب العربية التواقة للحظة انتصار على العدو، ولكل شعوب العالم المناضلة من اجل التحرر من الاحتلال والاستغلال والقهر الامبريالي.

الانتخابات النيابية

وهزيمة الكيان الصهيوني في لبنان، وهو المستند الرئيسي للاستراتيجية العامة للامبريالية وخاصة الاميركية، فرض على الولايات المتحدة التدخل العسكري والسياسي المباشر في لبنان والمنطقة لتغيير المعادلات والوقائع التي فرضتها قوى المقاومة محليا وعربيا. لذلك تركز الجهد الدولي والرجعي العربي على دعم قوى 14 آذار طوال السنوات الاربع الماضية، وبالتحديد في الانتخابات النيابية الاخيرة لتحقيق انتصار حاسم لمصلحتها، فجرت تدخلات مباشرة لدعم هذه القوى وتوحيد  صفوفها وتخطي خلافاتها، ووضعت الامكانيات الهائلة بتصرفها، بحيث اشارت احدى الصحف الاميركية الى ان كلفة الانتخابات النيابية اللبنانية فاقت كلفة الانتخابات الرئاسية الاميركية، وقد اثر هذا التدخل في نتائج الانتخابات، اضافة الى استقدام اعداد كبيرة من المغتربين، وان كنا نقر بحق المواطن المقيم والمغترب بالمشاركة السياسية لاختيار ممثليه الا ان طريقة الاستقدام والاغراءات المالية والخدماتية من شأنها الغاء حرية التعبير والاختيار، اضف الى كل ذلك، بل والاخطر من ذلك حملات التحريض المذهبي واثارة النعرات الطائفية ضد قوى المعارضة الوطنية.

وفي المقابل لا بد من تقويم موضوعي ونقدي لقوى المعارضة لدخولها المعركة الانتخابية دون برنامج وطني موحد يرتكز على حماية المقاومة وتحصين دورها ويحدد رؤية المعارضة للتغيير ويتناول القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية والتربوية والصحية والخدماتية والاصلاح السياسي، كما شاب اداؤها الكثير من الاخطاء والارتجال والتردد، كما عمل بعض اطرافها منفردين واقتصر الامر على التشاور الذي لم يرتق الى مستوى التنسيق في اطار معركة واحدة على الساحة اللبنانية مع التسليم بضرورة مراعاة الخصوصيات المحلية.

ان تطور الاوضاع السياسية والنتائج التي اسفرت عنها الانتخابات تتطلب من اطراف المعارضة الوطنية الوقوف بجدية امام مسؤولياتها التاريخية لصياغة برنامج للتغيير الشامل ينطلق من تطبيق اتفاق الطائف وتحديدا بنوده الاصلاحية المتعلقة بتشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية ووضع قانون عصري للانتخابات النيابية خارج القيد الطائفي، ومن ثم البحث في الضرورة الوطنية لتعديل الدستور خاصة اننا شهدنا ونشهد جدلا حول صلاحيات رئيس الجمهورية دون ان يكون للمعارضة الوطنية موقفا موحدا من هذا الموضوع. والبرنامج المنشود هو نفسه برنامج المعارضة في الحكومة القادمة لانه يشكل المدخل الصحيح للخروج من حالة الانقسام الطائفي والمذهبي وتثبيت الوحدة الوطنية واخراج المقاومة وسلاحها من البازار السياسي الرخيص خاصة بعد تصريحات قادة العدو وتهديداتهم للبنان وشعبه ومقاومته والاعتداءات الاخيرة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا واستحداث المواقع العسكرية ورفض الانسحاب من بلدة الغجر والاستمرار في سرقة مياه الوزاني، مع السعي الاميركي ـ الصهيوني لتعديل القرار 1701 وتغيير قواعد الاشتباك وبالتالي تغيير مهام ودور القوات الدولية.

التوطين والتهجير ـ التقسيم والفيدرالية

ومن الخطأ النقاش بشأن التوطين من زاوية قدرة لبنان على تحمل اعداد الفلسطينيين والتغيير الديموغرافي الذي يحدثه ذلك، ليتحول النقاش الجدي اولا حول اصحاب المشروع والمستفيدين منه وهم المعسكر الاميركي ـ الصهيوني ـ الرجعي العربي، وتاليا حول سبل تعزيز شروط الصمود والرفض لدى الفلسطينيين في لبنان لمؤامرة التوطين والتهجير الدولية، وذلك باقرار كامل الحقوق المدنية والانسانية في العمل والسكن والتملك والتنقل والتعليم والاستشفاء وتأمين مقومات الحياة الكريمة لتمكينهم من النضال لضمان عودتهم احرارا الى وطنهم فلسطين. ان الموقف الوطني من مشروع التوطين وبالتالي التهجير يجب ان يرتبط بالموقف من مشروع التقسيم والفيدرالية، فاليمين اللبناني ومنها قوى 14 آذار الملتحق بالسياسة الاميركية، والذي يدعي رفضه للتوطين انما يسعى الى فرض معادلة قائمة على مقايضة التوطين بالفيدرالية بعد تنفيذ حملة تهجير واسعة لاعداد كبيرة من الفلسطينيين، تبرز مقدماتها في الحملة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، ومواقف التحريض ضد المخيمات وتصويرها بؤرا امنية خطيرة لتوفير مناخات التوتير والتفجير عندما تدعو الحاجة. ان الخطاب العنصري لليمين القديم والجديد ضد الفلسطينيين وعودة الحديث عن التقسيم والفيدرالية انما يؤشر الى التوجهات الاميركية والصهيونية القديمة ـ الجديدة، واستعادة الحملة ضد المقاومة وسلاحها يأتي في سياق نفس المشروع باعتبار وجود المقاومة مانعا حقيقيا للتوطين والتقسيم معا. في المقابل ان المطلوب من اطراف المعارضة الوطنية بلورة موقفها من هذا الملف وتوحيده لتجنب الانجرار الى مواقف تتقاطع مع مواقف قوى 14 آذار العنصرية وتشكل تغطية لها، والمدخل لذلك هو الموقف الوطني الموحد من التمسك بحق العودة، والاسراع باعادة اعمار مخيم نهر البارد، ورفع التضييق عن المخيمات والسماح بادخال مواد البناء لتحسين شروط الحياة الانسانية للفلسطينيين وتحصينهم ضد الضغوط والمؤامرات وتصليب مواجهتهم لها.

ونشهد تشديد الهجوم الاميركي ـ الصهيوني رغم الضربات والاخفاقات التي وجهت له بحكم الطبيعة الفاشية للامبريالية، ما يستدعي رفع مستوى الاستعداد واليقظة الثورية وتصعيد النضال الوطني والاجتماعي والشعبي، وهذا يتطلب:

على المستوى العربي

–  جبهة عريضة للأحزاب والقوى الوطنية والديمقراطية العربية ذات قاعدة شعبية تضم كافة الفئات والشرائح المتضررة من المشروع المعادي للامة العربية للانخراط في مواجهته مستفيدة من التقويم العلمي للنضال الوطني والقومي ومن كل ما هو ايجابي في تاريخ وتراث حركة التحرر الوطني العربية.

– تشكيل الأطر الشعبية والنقابية والثقافية والديمقراطية المحلية والعربية لخلق البيئة الحاضنة لحركات المقاومة العربية خاصة في فلسطين والعراق ولبنان.

– بناء المؤسسات الديمقراطية لانتزاع الحريات العامة والديمقراطية وحق التنظيم النقابي وحرية الرأي والتعبير والمعتقد والاستفادة من طاقات شعبنا العربي في الوحدة العربية والتنمية الحقيقية.

في القضية الاقتصادية والاجتماعية:

– دعم القطاعات المنتجة خاصة الصناعة والزراعة وحمايتهما من المنافسة، ووضع سياسة حمائية للاقتصاد الوطني، والخروج من اتفاقية الشراكة الأوروبية، ورفض الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، وتطوير الصناعات الغذائية والزراعية وصناعة الأدوية، والحد من الدور الاستغلالي للقطاع المصرفي والرأسمال المالي وهيمنته على النشاط الاقتصادي المحصور بالمجال الريعي والعقاري وأسواق المال وسندات الخزينة، وقد اكدت وقائع الازمة الاقتصادية العالمية كارثية الخيارات الاقتصادية النيوليبرالية للحكومات المتعاقبة بعد الطائف.

– وقف الاستدانة والتحقيق الجدي في أبواب صرف الأموال وحجم الهدر والنهب من مجموع الدين العام واستعادة المال المنهوب. والتصدي لمشروع نهب القطاع العام “الخصخصة” وتحصينه عبر إصلاحه وتطويره ومنع القوى المالية والطائفية من إفساده وإفلاسه لبيعه لقوى الرأسمالية المتوحشة المحلية والأجنبية، ما يؤدي إلى احتكار الخدمات الحيوية وغياب الرقابة الرسمية فتتحمل الطبقة العاملة والفئات الشعبية هذه الأعباء.

– التصدي لوصفات صندوق النقد والبنك الدوليين وشروط الانضمام لمنظمة التجارة العالمية والتصدي لمشاريع التعاقد الوظيفي وتخفيض رواتب التقاعد والزيادات في الرسوم والضرائب الغير مباشرة وزيادة ساعات العمل دون مقابل.

– تغيير فلسفة السياسة الضريبية باعتماد الضريبة المباشرة التصاعدية، وتخفيض الضرائب الغير مباشرة بما يؤمن الحد الأدنى من العدالة الضريبية.

– الدفاع عن الضمان الاجتماعي وتحصينه في وجه محاولات ضربه وافلاسه عبر المشاريع المطروحة في السر والعلن (مشروع ضمان الشيخوخة، خفض الاشتراكات، الضمان الاختياري بدون توفير التغطية اللازمة، تمنع الدولة عن تسديد الديون المتراكمة للضمان).

– بناء حركة نقابية على أسس ديمقراطية بوصفها منظمات طبقية جماهيرية والغاء القوانين التي تحد من الحرية والاستقلالية النقابية، وإزالة التشوهات التي إصابتها بفعل تأثيرات القوى الطائفية والمذهبية والمالية، وتدخل السلطة ووضع اليد عليها لتتحمل من جديد مسؤولياتها في الدفاع عن حقوق الطبقة العاملة والكادحين، وتشارك في وضع السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتعلقة بالأجور والأسعار والحماية الاجتماعية.

– وضع خطة وطنية لمواجهة البطالة وإيجاد فرص العمل عبر تحقيق النمو في الاقتصاد المنتج، وإنشاء هيئة وطنية وصندوق خاص للتعويض عن العاطلين عن العمل.

– معالجة أزمات قطاعات الكهرباء والمياه والنقل العام والسكن بدءا بتحريرها من سلطة المحاصصة والفساد والتعاطي معها باعتبارها قطاعات حيوية للاقتصاد الانتاجي وللمواطنين.

– بناء السدود والبحيرات والمساقط المائية لتوليد الطاقة والري وتطوير الثروة السمكية واقامة المشاريع السياحية وتوظيف الثروة المائية في الاقتصاد الوطني وحرمان الكيان الصهيوني من الاستيلاء على مياه الجنوب.

– الاهتمام بالبيئة وإصلاح ما خربه جشع البرجوازية في الكسارات والمقالع المحمية، والحفاظ على سلامة مصادر المياه الجوفية ومياه الأنهر من النفايات الصناعية وحماية الشواطئ من التلوث وإنشاء مشاريع الصرف الصحي ومكبات النفايات النموذجية الحديثة، واستعادة الاملاك البحرية والعامة المنهوبة.

– إنشاء مراكز البحث العلمي في المجالات الصحية والبيئية والزراعية والصناعية والتنقيب عن الثروات الخامية والنفطية.

– تعزيز التعليم الرسمي وتطويره وتجهيز المدارس الرسمية بالتجهيزات العلمية والتقنية، وتطبيق إلزامية التعليم ومجانيته والتصدي للتسرب المدرسي، وتطوير التعليم المهني تبعا لحاجات سوق العمل، ودعم الجامعة الوطنية وزيادة موازنتها وتجهيز كلياتها ومختبراتها العلمية والعملية، ووقف التدخل في شؤون الجامعة، وإعادة العمل بالمجالس التمثيلية وإحياء الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية، ووقف الترخيص لمؤسسات التعليم الطائفية الخاصة  وتوحيد المناهج بما يؤسس لثقافة وطنية موحدة.

– اعتبار تصحيح الأجور بندا دائما على جدول اعمال الحركة النقابية والعمالية والشعبية، خاصة ان التصحيح الاخير للاجور كان دون مستوى حقوق العمال والموظفين والمعلمين وسائر ذوي الدخل المحدود، واعتباره سلفة على المستحقات ورفع الحد الأدنى للاجور بما يؤمن مستوى معيشي لائق للأسرة.

 أما في الشأن السياسي، فان تعقد الأزمة الوطنية وترابطها مع الازمات العربية والاقليمية تشير إلى استحالة المعالجات الجزئية لازمة النظام البرجوازي الطائفي التابع الذي بات يعيق تطور البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمجتمع اللبناني، وذلك بالرغم من الضعف الذي يعانيه اليسار بمختلف تياراته، وإذا كان التغيير الثوري لطبيعة هذا النظام هو الحل على المدى التاريخي، الا انه يمكن الحد من المخاطر المتولدة من طبيعته مرحليا عبر إصلاحات جذرية لتعالج بعض مكامن العطب فيه، وتوفر هامشا من الحرية والديمقراطية  يتيح للقوى الثورية والوطنية والديمقراطية خوض النضال الطبقي الاجتماعي والوطني تأسيسا للتغيير الثوري

في البرنامج السياسي:

– الدعوة لتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية حسب وثيقة الطائف، ونشر ثقافة المواطنة والعروبة والمساواة في الحقوق والواجبات، والانتماء الوطني بدل الطائفي والفئوي، وتحرير الشعب من الارتهان لمرجعياته الطائفية لمصلحة الالتزام بالأحزاب والتجمعات السياسية والديمقراطية والعلمانية، وفصل الدين عن الدولة وتحقيق العلمنة الشاملة في مجال والتربية والتعليم وإقرار قانون موحد للأحوال الشخصية.

– تحقيق إصلاح سياسي شامل يطال مؤسسات الدولة وتشريعاتها، وإصلاح مالي يوقف الهدر والنهب، وإداري لتطهير الإدارات العامة من الفساد وحماته، ومن موظفي التنفيعات والمحسوبيات، وتفعيل عمل المؤسسات الرقابية.

– إلغاء او تعديل القوانين والتشريعات المجحفة بحقوق المرأة الإنسانية والسياسية والاجتماعية والطبيعية في مجال الإرث والمساواة في العمل والأجر وإعطاء الجنسية، وتوسيع مشاركتها في الحياة السياسية على أن يكون المعيار لذلك كفاءتها ونضاليتها وتمثيلها الشعبي لا على قاعدة التوريث السياسي أو المال السياسي، ولا يتم تحرر المرأة الكامل إلا بتحرير المجتمع من القهر الوطني والطبقي.

-وضع قانون جديد للانتخابات يؤمن التمثيل الشعبي الصحيح على أن يكون لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس النسبية وخارج القيد الطائفي وخفض سن الاقتراع إلى 18 سنة والاقتراع في مكان السكن وتحديد سقف للإنفاق المالي والدعاية الانتخابية للحد من تأثير رأس المال والإعلام في التقرير عن الناخبين، مع تنقية لوائح الناخبين من الشوائب والتزوير والموتى لضمان الحد الأدنى من نزاهة الانتخابات.

– الدفاع عن الحريات العامة والديمقراطية كحرية المعتقد والرأي والتظاهر والإضراب والتجمع والاعتصام، والنضال لتكريسها وتوسيعها كي لا تبقى أداة ابتزاز بيد السلطة.

– تفعيل دور المنظمات الشبابية والطالبية في أماكن العمل والجامعات والمدارس وإشراكهم في الحياة السياسية، والدفاع عن حقهم في العلم والعمل، وودورهم في الدفاع عن الوطن ضد العدوان الأميركي – الصهيوني.

إن ترجمة هذا البرنامج يتطلب أوسع تحالف سياسي – طبقي من اليساريين والوطنيين والديمقراطيين والعلمانيين، ونسعى لان يشكل اللقاء الوطني للاصلاح الديمقراطي النواة الصلبة لهذا التحالف لما يضم من القوى الحاسمة في خياراتها الوطنية والسياسية والاجتماعية، وببرنامج نضالي حول القضايا السياسية والاجتماعية، وتعبئة أوسع الجماهير الشعبية لفرض تحقيقه على الطبقة الحاكمة، وإفشال التوجه النيوليبرالي المتوحش الذي أدى إلى تعميق وتعميم حالة الإفقار والبطالة والتهجير والقمع والفساد والمديونية، وإطلاق النضالات المتواصلة والحملات المناهضة للاستغلال والاحتلال والعولمة والداعية لمقاطعة المصالح والبضائع الأميركية والشركات الدعمة للكيان الصهيوني، والتضامن مع نضال الشعوب المقهورة ومع حركات التحرر الوطني وخلق الشروط المادية لقيام أممية ثورية جديدة في مواجهة الإمبريالية العالمية، والتحالف الثوري بقيادة الطبقة العاملة المتحالفة مع الفلاحين الفقراء وسائر الكادحين عبر أحزابها السياسية  ومنظماتها النقابية والشعبية وعلى أساس فكرها العلمي يؤمن سيرورة تاريخية تفضي إلى بناء الاشتراكية العلمية على أسس الديمقراطية الشعبية.