“الديمقراطي الشعبي” و”العمل الاشتراكي” اطلقا مسار الاندماج في حزب واحد

“الديمقراطي الشعبي” و”العمل الاشتراكي” اطلقا مسار الاندماج في حزب واحد

في زمن الانقسامات وتشرذم العمل الحزبي في لبنان اعلن كل من الحزب الديمقراطي الشعبي وحزب العمل الاشتراكي العربي في لبنان أطلق مسار الاندماج وصولًا الى تأسيس حزب جديد بهوية اشتراكية علمية.
وخلال مؤتمر صحافي عقده الحزبان في قاعة عروس البحر- بيروت، بمشاركة قيادتي الحزبيين وحضور ممثلين عن الحزب الشيوعي اللبناني وحزب الله وحركة الشعب والحزب السوري القومي الاجتماعي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة المرابطون وحزب الإتحاد والتحالف الوطني للانقاذ والتغيير وشخصيات سياسية، وبعد الوقوف اجلالا لشهداء مقاومة العدوان الصهيوني والامبريالي في لبنان وفلسطين بالتزامن مع تاريخ نصر تموز- آب، وعلى وقع النشيد الوطني اللبناني ونشيد الأممية تحدث عضو قيادة حزب العمل الاشتراكي العربي يوسف خضرا فأعلن ان اطلاق مسار الاندماج هو ثمرة لنقاشات استمرت لسنوات بين الحزبين بهدف الوصول الى الوحدة التامة “كيف لا والجذور بيننا مشتركة ومنبعنا الفكري هو الاشتراكية العلمية والنضال مع الفقراء والكادحين لتحقيق الوحدة الاقتصادية والسياسية مع الجماهير العربية، ومشاركتنا باطلاق “جمول” غداة الغزو الصهيوني عام ١٩٨٢، والتزامنا واحد بدعم نضال شعبنا الفلسطيني ومقاومته المسلحة من اجل تحرير فلسطين ايمانا بالعنف الثوري المنظم في مواجة العنف الرجعي” ، ووعد خضرا بالعمل الجاد والمخلص وفاء لشهداء الحزبين بالعمل لإرساء قواعد الوحدة والاندماج وبدء المرحلة الانتقالية وصولًا الى قيام حزب جديد موحد.

بدوره امين عام الحزب الديمقراطي الشعبي محمد حشيشو اكد على اهمية قرار الحزبين بالاندماج في زمن تفكك الاحزاب وتشرذم العمل الحزبي، موضحا ان مسار الاندماج جزء من سياق عملية ثابتة لتحقيق الوحدة التامة، حيث تم الاتفاق على تشكيل هيئة قيادية مشتركة بين الحزبين، وصولا لتحقيق الوحدة الفكرية والسياسية والتنظيمية، وسيتخلله فترة انتقالية محددة زمنيا تنتهي بعقد مؤتمر عام اندماجي يفضي لقيام حزب جديد موحد بأيديولوجية اشتراكية علمية متوائمة مع واقعنا اللبناني، وينتخب قيادة جديدة. وامل ان يكون للخطوة الاندماجية مفعول العدوى بين جميع قوى اليسار والاشتراكية في لبنان والعالم العربي اسهاما في تعزيز دورها في عملية التحرر الوطني وخوض النضال الوطني والطبقي من موقع القوة والوحدة والمشروع السياسي الجريء الذي يبدأ بالتزام خيار المقاومة ضد العدو الصهيوني وحليفته الامبريالية الاميركية وصولا الى تغيير النظام البرجوازي الطائفي التابع والعميل واقامة نظام وطني ديمقراطي علماني مقاوم، واعلن ان الحزبين توّاقان لتوسيع دائرة الحوار مع القوى والمجموعات السياسية المناضلة في سبيل الوحدة.
حشيشو اذاع البيان المشترك:

‎يحتدم صراع دولي على امتداد العالم في سيرورة تاريخية لانتاج نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب على انقاض نظام قديم يتهاوى، وتتهاوى معه منظومة الهيمنة والسيطرة الامبريالية الاحادية التي امتدت لثلاثة عقود بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ويمتد الصراع الكوني من روسيا ومجالها الحيوي الاوراسي الى الصين ومحيطها الاسيوي وبعدها العالمي، الى اميركا اللاتينية، الحديقة الخلفية للولايات المتحدة، التي تشهد صعودا لليسار التقدمي والشعبي، مرورا بإفريقيا التي “يتمرد” بعضها على الارث الاستعماري، وصولا الى منطقتنا التي تسهم فيها قوى التحرر الوطني في كسر الهيمنة والسيطرة الامبريالية.
‎ان اسهام قوى المقاومة العربية وحلفائها في منطقتنا في معركة التحرر الوطني يتجلى في استعادة القضية الفلسطينية موقعها المركزي بفعل تصعيد النضال الشعبي والكفاح المسلح على مساحة فلسطين التاريخية، والحضور الفاعل لقوى المقاومة العربية التي كرست معادلات رادعة للعدو وفرضت عليه قواعد اشتباك لا يجرؤ على تجاوزها بسهولة، كما كان لانتصار سوريا على الحرب الكونية الاثر الكبير في تغيير موازين القوى الجيوسياسية لغير مصلحة القوى الاستعمارية، وهذه الانجازات تمتد لتشمل اليمن وصموده الاسطوري في وجه قوى العدوان الاميركي والصهيوني والخليجي، ودور ايران المركزي في دعم المقاومة الفلسطينية والعربية ومواجهة الوجود العسكري والنفوذ السياسي الاميركي والغربي في منطقتنا بالتحاالف والتعاون مع روسيا والصين.
‎ في لبنان، يتحكم بالدولة نظام سياسي طائفي أرسى ركائزه الاستعمار الفرنسي بداية، ثم أمّن حمايته وديمومته النظام الرأسمالي العالمي، والولايات المتحدة تحديدا، نظام البرجوازية الطفيلية واقتصاد الريع والزبائنية والمحاصصة، تتحكم به طبقة اجتماعية هي تحالف بين البرجوازية المالية والتجارية والعقارية وبقايا الاقطاع وأمراء الحرب والمرجعيات الطائفية، بسياسات اقتصادية نيوليبرالية، عززت قطاعات الخدمات والمصارف وحمت الاحتكارات ودمرت القطاعات الانتاجية وسائر مؤسسات الحماية والرعاية الاجتماعية، بالتواطؤ والشراكة مع الحصار والعقوبات الاميركية والغربية على لبنان، التي فرضت بهدف إضعاف المقاومة وحصارها لكنها أدت الى تسريع وتيرة الانهيار الاقتصادي والاجتماعي والمالي.
‎ان السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي اعتمدها النظام بعد الحرب تحت عناوين اعادة الاعمار وخطط النهوض أسست للواقع الكارثي الحالي، خاصة ان اتفاق الطائف كرّس تسوية طائفية جديدة، وتمت بين أركان النظام “الجديد” برعاية عربية ودولية مؤثرة، وذلك أعاد انتاج النظام بتوازنات سياسية واجتماعية وطائفية جديدة، وجرى تغييب البنود الاصلاحية من هذا الاتفاق خاصة ما يتعلق بالمباشرة بإلغاء الطائفية السياسية وقانون الانتخابات وتغييب التنمية الشاملة وخاصة في الاطراف ليتركز النشاط الاقتصادي في العاصمة بيروت.
‎كل هذا فاقم سياسات المحاصصة السياسية والصفقات والمضاربات العقارية والمالية، وتمركز الثروات بايدي اقلية برجوازية طفيلية، مقابل تعميم الفقر والبطالة والهجرة على الغالبية الساحقة من اللبنانيين، ولتمرير هذه المشاريع دون اعتراض فاعل جرى ضرب الحركة النقابية، وتطييفها وتفريخ نقابات وهمية، وتم احتوائها وتدجينها بتوافق اطراف السلطة.

‎نتيجة هذا الواقع واعتراضا على تداعياته تفجر حراك شعبي، واسع النطاق، بدءا من ١٧/تشرين الاول/٢٠١٩، اندفعت اليه وانخرطت فيه أحزاب يسارية وقوى تغييرية وفئات شعبية شملت معظم القطاعات العمالية والمهنية، حراك عابر للطوائف والمناطق استقطب فئات اجتماعية وشبابية كانت مبعدة عن العمل السياسي، وترزح تحت ضغط ضائقة معيشية قاسية.

‎ولكن هذا الحراك افتقد الى القيادة السياسية التي كان مطلوب منها قيادة النضال الشعبي ووضع البرامج المناسبة لكي تتبلور حركة معارضة سياسية – شعبية تقدم برناَمجا للتغيير الثوري.

‎غير ان عدم مبادرة قوى التغيير المنخرطة في الانتفاضة الشعبية للعب دورها التاريخي في القيادة والبرنامج، وتغييب البعد الوطني للحراك، وبسبب ضعف دورها و”مسايرتها” لقوى “المجتمع المدني” الممول والمشبوه، وترافق ذلك مع الموقف السلبي لحزب الله من الانتفاضة وقرار خروجه من الشارع بسبب الارتياب في رؤيته للانتفاضة وتبنيه الدفاع عن النظام ومؤسساته، لكل ذلك كان من الطبيعي ان تتسلل قوى سلطوية شريكة في الكارثة الاقتصادية، قفزت من المركب و”انتسبت” للانتفاضة ورفعت شعارات وعناوين تستهدف قوى المقاومة وتحملها مسؤولية الازمة، كذلك انخراط مؤسسات ومجموعات ممولة من بعض السفارات العربية والأجنبية للعب دورها في حرف الحراك عن اهدافه السياسية الاصلاحية والتغييرية لتنفيذ أجندات داخلية وخارجية مشبوهة تناولت عناوين اصلاحية في شكل السلطة دون المساس بجوهر النظام وبنيته، وسكتت عن الحصار والعقوبات، وغيّبت هيمنة ورعاية الولايات المتحدة والغرب الاستعماري ومؤسسات النهب الدولية للطبقة الحاكمة ولنظام المصارف، وتسعى الى ربط لبنان بالأحلاف العربية والغربية المعادية للقضية الفلسطينية ومقاومة الاطماع الصهيونية والسير باتجاه التطبيع مع الكيان الصهيوني.

‎ان تراجع الحراك وحالة الاحباط التي منيت بها الحركة الشعبية سمح للنظام مجددا بتجاوز ازماته وإعادة انتاج مؤسساته الدستورية وتوجهاته الاقتصادية والاجتماعية والسير باتجاه تعميق الازمة من خلال الاعتماد على برنامج صندوق النقد الدولي والاتجاه نحو الخصخصة وبيع أصول الدولة ورفض العروض المقدمة من بعض الدول الشرقية، هذه التوجهات ستزيد من عمق الازمة وتبعاتها على العمال والفئات الشعبية وتدهور مستوى معيشة الغالبية الساحقة من الشعب اللبناني.

‎في ظل هذه الظروف يطرح السؤال الكبير حول دور القوى اليسارية والديمقراطية الطامحة الى اجراء تغيير حقيقي ازاء ما جرى ويجري في لبنان؟ واين دورها ومبادراتها باتجاه تحمل المسؤولية؟

‎ان حالة الضعف والتعثر التي تعيشها معظم قوى اليسار والتغيير حالت وتحول دون الوصول الى تشكيل تحالف وطني تقدمي عريض، يربط القضية الوطنية بالقضية الطبقية، ويطرح برنامج سياسي بديل ونقيض لمشروع السلطة، نحو نظام وطني ديمقراطي علماني مقاوم، يقوم على قواعد الاقتصاد المنتج والتنمية الحقيقية والسيادة الوطنية والتوجه شرقا، نظام يحمي حدوده وحقوقه وموارده وسيادته ومصالح وحقوق شعبه.

‎ومساهمة في قيام هذه الجبهة ومن منطلق الشعور بالمسؤولية الوطنية تجاه شعبنا، ووفاء لشهدائنا الذين قضوا وهم يحلمون بوطن حر وعادل، وفي ظل مناخات الانقسام والتشرذم، فقد بادرت قيادتا الحزب الديمقراطي الشعبي، وحزب العمل الاشتراكي العربي، في لبنان، الى خوض غمار حوار معمق ومسؤول منذ فترة غير قصيرة، في سياق عملية ثابتة لتحقيق الاندماج بين الحزبين على طريق الوحدة التامة، حيث تم الاتفاق على تشكيل هيئة قيادية مشتركة بينهما، وصولا لتحقيق الوحدة الفكرية والسياسية والتنظيمية تحت العناوين التالية:

‎-النضال من اجل اقامة نظام وطني ديمقراطي علماني مقاوم في لبنان، اساسه الدولة العادلة والمساواة وتكافؤ الفرص، يحقق التنمية المستقلة والتوزيع العادل للثروة، على قاعدة إلغاء الطائفية، مع التأكيد والحرص على حرية التفكير والمعتقد.

‎-الالتزام بحق الشعب اللبناني في استخدام كافة الوسائل لردع العدوان والدفاع عن حدوده وموارده وثرواته في ارضه ومياهه الاقليمية والمنطقة الاقتصادية من الخطر الصهيوني، والتمسك بخيار المقاومة للدفاع عن الانجازات العظيمة التي تحققت بفعل تضحيات المقاومة الوطنية والاسلامية والشعب اللبناني.

‎-الالتزام بالقضية الفلسطينية كقضية تحرر وطني، وبالشراكة النضالية مع الشعب الفلسطيني ومقاومته المسلحة من اجل تحرير فلسطين، كل فلسطين، من البحر الى النهر.

‎-العمل على قيام حركة تحرر وطني عربية بقيادة ثورية لانجاز التحرر الوطني والاجتماعي وتحقيق التكامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي على طريق الوحدة العربية بإرادة شعبية وبعد طبقي.

‎-العمل مع القوى التقدمية والثورية العالمية على بناء أممية جديدة، أممية مناضلة تسهم في تنظيم صفوف الطبقة العاملة وسائر الكادحين وتقود النضال ضد الرأسمالية المتوحشة لمصلحة الشعوب التواقة للتحرر على طريق الاشتراكية.
‎لذلك سنسعى لاطلاق مبادرة حوار مَعمق ومسؤول َمع الاحزاب والقوى والمجموعات الوطنية والتقدمية والثورية المقاومة، من اجل اقامة تَحالف وطني تقدمي عريض يربط النضال الوطني والطبقي، ويتحمل مسؤولية الانقاذ ويقترح البدائل ويشكل معارضة سياسية للنظام ويسعى لبناء الكتلة الشعبية ويفتح أفق التغيير الجذري.

‎انها مهام كبرى ملقاة على عاتق القوى الثورية والتقدمية، سنسعى لبلورتها وتحويلها الى برامج عملية مع القوى المؤمنة بضرورة تخليص البشرية من توحش الرأسمالية وجرائمها بحق الانسانية على طريق الاشتراكية.

بعد البيان دار حوار مع الضيوف الذين اجمعوا على جرأة خطوة الاندماج في وقت تشهد الساحة السياسية تشتتاً وتمزقاً يطيح بكل الانجازات الوطنية لشعبنا.

الحزب الديمقراطي الشعبي وحزب العمل الاشتراكي العربي- لبنان (الهيئة القيادية المشتركة)