افتعلت السعودية وبعض دول الخليج أزمة جديدة مع لبنان على خلفية تصريح الإعلامي جورج قرداحي حول العدوان الاميركي – السعودي على اليمن وذلك قبل تسلمه وزارة الاعلام في حكومة ميقاتي.
وقد فرضت مملكة الموت ومجلس التعاون الخليجي حصارا وعقوبات على لبنان وقطعت علاقاتها الدبلوماسية معه بذريعة واهية، ليكشف وزير خارجية الرياض الهدف الرئيسي من الهجوم السعودي بأنه يستهدف حزب الله ودوره وحضوره في مواجهة الكيان الصهيوني والوجود الاميركي في المنطقة.
ان هذه الاجراءات هي بمثابة اعلان حرب على لبنان واللبنانيين إثر تراجع الدور السعودي المباشر في فرض السياسات والتوجهات على لبنان التي سادت لعقود طويلة، هذا التراجع نجم عن فشل المشروع العدواني السعودي، المتماهي مع المشروع الاميركي، في سوريا واليمن ولبنان، وبعد تداعي العدوان الامبريالي على المنطقة المتمثل بصفقة القرن ومشاريع التطبيع التي اسقطها الشعب الفلسطيني ومقاومته المسلحة في معركة سيف القدس.
والدور السعودي في لبنان هو جزء من مشروع الهيمنة الاميركية والغربية الذي يرتكز على النظام السياسي الطائفي الذي استدعت بنيته ودوره الوظيفي تدخلا غربيا لحمايته وتأمين مصالحه وفي اختراق الواقع العربي وضرب مقومات قوة مقاومته وحماية لقاعدته الاستعمارية، الكيان الصهيوني، في العالم العربي.
ان حفلة التذلل والاستجداء التي تمارسها الطبقة المهيمنة في لبنان تجاه السعودية ودول الخليج، وطلب النجدة من الولايات المتحدة وفرنسا تعبر عن طبيعة العلاقة التبعية مع الغرب الاستعماري، وتسقط مقولات السيادة والاستقلال التي تتشدق بها، فهذه الطبقة الطفيلية التي اوصلت الوطن والشعب الى قاع الانهيار نتيجة السياسات الاقتصادية والاجتماعية والمالية المتوحشة، والنهب العام، والسطو على حقوق واموال المواطنين، والتبعية للنظام الرأسمالي العالمي، هذه الطبقة المهيمنة التي عجزت حتى الآن عن جر لبنان الى مستنقع التطبيع والخيانة بفعل التراث الوطني والثوري لفئات واسعة من الشعب اللبناني في مواجهة الاحتلال والعدوان الصهيوني، لذلك تسعى مشيخات الخليج الى تدفيع اللبنانيين ثمن تمردهم على مشيئتها واملاءات اسيادها الامبرياليين.
ان بقاء الحكومة واستمرارها بعد العدوان السعودي على لبنان هو استجابة للموقف الاميركي والغربي الساعي بكل قوة لإجراء الانتخابات النيابية بهدف احداث تغيير في تركيبة البرلمان والاتيان بأغلبية نيابية موالية للغرب الاستعماري لمحاصرة المقاومة “شرعيا ودستوريا” والتحكم بالإنتخات الرئاسية وفرض الاملاءات السياسية والاقتصادية على السلطة السياسية في مجالات التطبيع وحقوق النفط والغاز وترسيم الحدود ونشر قوات دولية في الداخل اللبناني وعلى الحدود مع سوريا، والرضوخ لبرنامج صندوق النقد الدولي.
ان مواجهة الهجوم الاميركي – الرجعي العربي يتطلب مواجهة نظام النهب والافقار والتبعية واسقاط الهيمنة الغربية، ببرنامج سياسي واقتصادي واجتماعي نقيض، يقطع مع النهج الحالي، ويقوم على اقتصاد منتج والتوجه شرقا، وتصحيح العلاقة مع سوريا باعتبارها بوابة الداخل العربي وتطوير برامج التكامل الاقتصادي العربي من موقع الندية، وكسر نظام الاحتكارات، وبناء دولة الرعاية والعدالة الاجتماعية والتنمية الحقيقية.
المكتب السياسي
بيروت ٢٠٢١/١١/١١