حول التهديد الإمبريالي الأميركي، بعمل عسكري ضد العراق
ان قوى المقاومة وحلفائها وجمهورها في لبنان والمنطقة على يقين ان الرد على هذا العدوان سيكون بحجم الجريمة واكبر، وسيعلم كيان العدو ومجتمعه الاستيطاني اي حماقة ارتكبتها قيادته، وحجم المخاطر التي تنتظره، خاصة بعد ان اصبح ميدان المواجهة يمتد من شواطئ لبنان الجنوبية حتى مرتفعات الجولان السوري المحتل في جبهة واحدة، اضافة الى ميادين فلسطين المحتلة

حول التهديد الإمبريالي الأميركي، بعمل عسكري ضد العراق

يبرز من جديد التصعيد الإمبريالي الأميركي، بالتهديد بعمل عسكري ضد العراق ، هذا التصعيد الذي يعبر عن طبيعة السياسة الإمبريالية وأهدافها في المنطقة ، خاصة عندما تصطدم بتطورات معينة ضد مصالحها وسياساتها ومع بروز جملة من التطورات تدل على مستوى معين من الوعي لدى شعوب المنطقة في مواجهة الخطر الإمبريالي –الصهيوني، خاصة مع تأكد هذه الشعوب أن الولايات المتحدة تدعم سياسة التصلب الإسرائيلي وتساندها .

ان وقوف أميركا مع السياسة الإسرائيلية يعبر عن أهمية الدور الإسرائيلي للدفاع عن المصالح الإمبريالية في المنطقة ، كونها قاعدة عسكرية متقدمة ، تستخدمها الإمبريالية ضد الشعوب العربية وتهديدها الدائم ، والتوسع على حساب أراضيها لاستنفاذ مواردها وثرواتها ، وخلق عوامل التفرقة وبعثرة القوى العربية ، وزرع عوامل الفتنة داخل الدول العربية لمنعها من التوحد السياسي والاقتصادي .

في المقابل ، تتخذ الإمبريالية الأميركية ذريعة وجود أسلحة الدمار الشامل في العراق لفرض الحصار عليه وتجويع شعبه وتدمير اقتصاده وتهديد وحدة أراضيه في ظل شعارات واهية حول حقوق الإنسان ، هذا الشعار الذي تستعمله الإمبريالية لتهديد الدول والشعوب وذريعة للتدخل في شؤونها .

لذلك تستمر الإمبريالية في سياسة العدوان وحشد الأساطيل في منطقة الخليج ، واستمرار حصار العراق ، والتهويل على بعض الدول بحجة دعمها للإرهاب ، وخاصة سوريا وإيران وليبيا والسودان ، وانتزاع القرارات من الأمم المتحدة لمصلحة وجودها العسكري .

وصعدت الإمبريالية من سياستها العدوانية في المنطقة من خلال إقامة الحلف التركي-الأميركي – الإسرائيلي ، الذي جاء في سياق برنامج استراتيجي تطمح أميركا أن يضم دولا أخرى ، وهدفه الأساسي تقويض إمكانيات نهوض هذه المنطقة وتهديدها سياسيا واقتصاديا  وعسكريا ، كما يهدف هذا التحالف الى تهديد وتطويق سوريا وإيران والعراق ، وكل الدول المعترضة على السياسة الأميركية – الإسرائيلية

 إلا إننا نشهد في المقابل جملة من التطورات والمؤشرات الإيجابية ، تعبر عن صحوة لدى شعوب المنطقة ضد هذه السياسة ، وتجلى ذلك بالمقاطعة العربية الواسعة للمؤتمر الاقتصادي في الدوحة ، والموقف العربي الرافض بالكامل للحلف الأميركي – الإسرائيلي – التركي، وتجلى ايضا بالحلف السوري –الإيراني – المتقارب مع العراق والرافض لاستمرار الحصار ضده أو توجيه ضربة عسكرية جديدة تستهدف تدميره وتقسيم أراضيه ، كذلك مؤتمر القمة الإسلامية الذي عقد في طهران واعتبرته الولايات المتحدة خطوة عربية باتجاه فك العزلة عن إيران وإشراكها في شؤون المنطقة ومن موقع التعارض مع السياسة الأميركية .

 أن ما يزعج الإمبريالية هو استمرار عمل المقاومة في جنوب لبنان ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي وما يشكله من تحد مباشر للإرادة الأميركية التي أوحت بعد نهاية الحرب الباردة بزوال قواعد ومواقع الاعتراض ضدها في العالم ، كما تشكل احتمالات تفجر الانتفاضة الشعبية في فلسطين هاجسا دائما لسياستها لما تعكسه من تأثير واستنهاض للوضع الشعبي العربي برمته.

ويضاف الى مجمل هذه التطورات مناخا سلبيا عاما في المنطقة ضد السياسة الأميركية القائمة على التحكم والسيطرة والاستغلال ، مما يفرض على الإمبريالية ضرورة القيام بعمل عسكري ، الا انه سيؤدي الى ردة فعل سلبية ومعادية للوجود الأميركي ويؤزم العلاقات الدولية أكثر ، إلا إنها ترى هذا العمل ضروري لإثبات قدرتها وقيادتها للعالم ولإرهاب الدول والشعوب والتلويح بالعصا الغليظة لمن يفكر بالاعتراض أو الرفض  لسياستها ، أو لمن يحاول مقاومة برنامجها في أية بقعة في العالم .

 في ظل هذا الواقع ، تحاول بعض الدول مثل روسيا وفرنسا ، وبعض الدول الأوروبية  الوقوف في وجه التهديدات الأميركية وتطالب بفك الحصار عن العراق ، وان كانت تطالبه في الوقت نفسه بالامتثال لقرارات مجلس الأمن ، وان كانت جائرة ، مما يشير الى نوع من الالتحاق بالسياسة الأميركية إلا أن هذه الدول تسعى الى نوع من التمايز بموقفها عن الأميركيين ، وتعارض بشدة أي عمل عسكري ضد العراق وتبذل الجهود الدبلوماسية لتجنب الحرب ووقف الاندفاعة العسكرية الأميركية ، إلا إننا نشهد في الوقت نفسه عجزا لدى هذه الدول التي تمتلك حق استعمال الفيتو في مجلس الأمن عن استخدام هذا الحق ، إما لضعف موقفها الدولي ، أو لتقاطع مصالحها الاقتصادية والسياسية مع الإمبريالية .

 وعلى رغم أهمية الموقف الفرنسي  والروسي المعارض لأميركا في موضوع العراق ، والذي يدفعها لدرس خطواتها أكثر  ، إلا انه لا يقيد الموقف الأميركي بالكامل ، ولذلك استبقت مواقف الدول الأخرى بالإعلان عن عزمها على القيام بالعدوان منفردة إذا لم يوافق حلفائها أو بعضهم على المشاركة .

 أمام هذا الواقع ، نرى أميركا تسير في خيار العمل العسكري ، مترافقا مع زيادة الضغط على مجموعة من الدول كإيران وسوريا وليبيا والسودان بحجة دعم الإرهاب ، والتهويل على مصر بوقف المساعدات الاقتصادية وتحريك جماعات الإرهاب الداخلية لضرب استقرارها . ونحن نلاحظ ،  حتى لو أقدم العراق على الرضوخ لبعض الشروط الأميركية ، فأن ذلك قد يؤجل العملية العسكرية ضده ولكن لن يلغيها، لذلك فالضربة العسكرية لم تعد تهويلا ، بل هي خيار إمبريالي لا بد منه لإرهاب المنطقة وشعوبها، وكذلك شعوب العالم أجمع .

تسعى ألأمبريالية لإعادة برمجة السيطرة الكاملة على كل مواقع النفط في الشرق الأوسط والعالم ، خاصة أن 65% من احتياط النفط العالمي موجود في الشرق الأوسط ، وسيبقى النفط مادة أساسية لدعم اقتصاد الرأسمال العالمي والعصب الأساسي للاقتصاد العالمي.

لذلك يدخل النفط العراقي في صلب السياسة العدوانية الأميركية ، وكذلك النفط الإيراني إذ أن الاحتياط الهائل لدى البلدين يمكنهما من النهوض اقتصاديا بفترة قصيرة نسبيا ، مما يخولهما  السيطرة على أمن الخليج مجددا.  كما أن الصراع في الجزائر وحصار ليبيا يأتيان في نفس سياق سياسة السيطرة على المصادر النفطية في الشرق الأوسط . أن هذا الجانب الاقتصادي من الصراع رئيسي لفهم طبيعة ما يجري ولا يمكن تغييبه لأنه يؤدي إلى خلل في الفهم المتكامل للبرنامج الإمبريالي.

لا يمكن التكهن بحجم ومدى العملية العسكرية ضد العراق، إلا انه من الواضح أن   الهدف الرئيسي خلق ظروف ملائمة لتنفيذ برنامج استراتيجي أميركي  لتقسيم العراق إذ انه وبالرغم من  كل الظروف التي مر بها العراق ، من حصار ظالم ضد الشعب العراقي وسياسة الأمبريالية في تأجيج الصراعات القومية والعرقية والدينية في شمال العراق وجنوبه ، إلا أن ذلك لم ينضج ظروف تقسيمه وتفتيته .